سورة الزخرف - تفسير تفسير الثعالبي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الزخرف)


        


{ونادى فرعون في قومه قال يا قوم أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي} يعني أنهار النيل الكبار وكانت تجري تحت قصره وقيل معناه تجري بين يدي جناني وبساتيني، وقيل تجري بأمري {أفلا تبصرون} أي عظمتي وشدة ملكي {أما أنا} أي بل أنا {خير} وليس بحرف عطف على قول أكثر المفسرين وقيل فيه إضمار مجازه أفلا تبصرون أم تبصرون ثم ابتدأ فقال أنا خير {من هذا الذي هو مهين} أي ضعيف حقير يعني موسى {ولا يكاد يبين} أي يفصح بكلامه للثغته التي كانت في لسانه وإنما عابه بذلك لما كان عليه أولاً وقيل معناه ولا يكاد يبين حجته التي تدل على صدقه فيما يدعي ولم يرد به أنه لا قدرة له على الكلام {فلولا ألقي عليه} أي إن كان صادقاً {أسورة من ذهب} قيل إنهم كانوا إذا سودوا رجلاً سوروه بسوار من ذهب وطوقوه بطوق من ذهب يكون ذلك دلالة لسيادته، فقال فرعون هلا ألقى رب موسى عليه أسورة من ذهب إن كان سيداً تجب طاعته {أو جاء معه الملائكة مقترنين} أي متتابعين يقارن بعضهم بعضاً يشهدون له بصدقه ويعينوه على أمره.
قال الله تعالى: {فاستخف} يعني فرعون {قومه} يعني القبط أي وجدهم جهالاً وقيل حملهم على الخفة والجهل {فأطاعوه} أي على تكذيب موسى {إنهم كانوا قوماً فاسقين} يعني حيث أطاعوا فرعون فيما استخفهم به {فلما آسفونا} أي أغضبونا وهو في حق الله وإرادته العقاب وهو قوله تعالى: {انتقمنا منهم فأغرقناهم أجمعين فجعلناهم سلفاً ومثلاً للآخرين} يعني جعلنا المتقدمين الماضين عبرة وموعظة لمن يجيء من بعدهم.
قوله تعالى: {ولما ضرب ابن مريم مثلاً} قال ابن عباس: نزلت هذه الآية في مجادلة عبد الله بن الزبعرى مع النبي صلى الله عليه وسلم في شأن عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام وذلك لما نزل قوله تعالى: {إنكم وما تعبد ون من دون الله حصب جهنم} وقد تقدم ذكره في سورة الأنبياء ومعنى الآية ولما ضرب عبد الله بن الزبعرى عيسى ابن مريم مثلاً وجادل رسول الله صلى الله عليه وسلم بعبادة النصارى إياه {إذا قومك} يعني قريشاً {منه} أي من المثل {يصدون} أي يرتفع لهم ضجيج وصياح وفرح وقيل يقولون إن محمداً ما يريد منا إلا أن نعبد ه ونتخذه إلهاً كما عبد ت النصارى عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام.


{وقالوا أآلهتنا خير أم هو} يعنون محمداً صلى الله عليه وسلم فنعبد ه ونطيعه ونترك آلهتنا وقيل معنى أم هو يعني عيسى والمعنى قالوا يزعم محمد أن كل ما عبد من دون الله في النار فنحن قد رضينا أن تكون آلهتنا مع عيسى وعزير والملائكة في النار قال الله تعالى: {ما ضربوه} يعني هذا المثل {لك إلا جدلاً} أي خصومة بالباطل وقد علموا أن المراد من قوله: {إنكم وما تعبد ون من دون الله حصب جهنم} هؤلاء الأصنام {بل هم قوم خصمون} أي بالباطل. عن أبي أمامة رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل» ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم: {ما ضربوه لك إلا جدلاً بل هم قوم خصمون} أخرجه الترمذي وقال حديث حسن غريب صحيح ثم ذكر عيسى فقال تعالى: {إن هو} أي ما عيسى {إلا عبد أنعمنا عليه} أي بالنبوة {وجعلناه مثلاً} أي آية وعبرة {لبني إسرائيل} يعرفون به قدرة الله على ما يشاء حيث خلقه من غير أب {ولو نشاء لجعلنا منكم} الخطاب لأهل مكة {ملائكة} معناه لو نشاء لأهلكناكم ولجعلنا بدلاً منكم ملائكة {في الأرض يخلفون} أي يكونون خلفاً منكم يعمرون الأرض ويعبد ونني ويطيعونني، وقيل يخلف بعضهم بعضاً {وإنه} يعني عيسى {لعلم للساعة} يعني نزوله من أشراط الساعة يعلم به قربها.
(ق) عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكماً عادلاً فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويفيض المال حتى لا يقبله أحد» وفي رواية أبي داود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ليس بيني وبين عيسى نبي وإنه نازل فيكم فإذا رأيتموه فاعرفوه فإنه رجل مربوع إلى الحمرة والبياض ينزل بين ممصرتين كأن رأسه يقطر وإن لم يصبه بلل فيقاتل الناس على الإسلام فيدق الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويهلك الله تعالى في زمانه الملل كلها إلا الإسلام ويهلك الدجال ثم يمكث في الأرض أربعين سنة ثم يتوفى ويصلي عليه المسلمون».
(ق) عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «كيف أنتم إذا نزل ابن مريم وإمامكم منكم» وفي رواية فأمكم منكم قال ابن أبي ذؤيب فأمكم بكتاب ربكم عز وجل وسنة نبيكم صلى الله عليه وسلم ويروى أنه ينزل عيسى وبيده حربة وهي التي يقتل بها الدجال، فيأتي بيت المقدس والناس في صلاة العصر فيتأخر الإمام ليقدمه عيسى ويصلي خلفه على شريعة محمد صلى الله عليه وسلم ثم يقتل الخنازير ويكسر الصليب ويخرب البيع والكنائس ويقتل النصارى إلا من آمن وقيل في معنى الآية وإنه أي وإن القرآن لعلم للساعة أي يعلم قيامها ويخبركم بأحوالها وأهوالها {فلا تمترن بها} أي لا تشكن فيها، وقال ابن عباس: لا تكذبوا بها {واتبعون} أي على التوحيد {هذا} أي الذي أنا عليه {صراط مستقيم}.


{ولا يصدنكم} أي لا يصرفنكم {الشيطان} أي عن دين الله الذي أمر به {إنه} يعني الشيطان {لكم عدو مبين ولما جاء عيسى بالبينات قال قد جئتكم بالحكمة} أي بالنبوة {ولأبين لكم بعض الذي تختلفون فيه} أي من أحكام التوراة وقيل من اختلاف الفرق الذين تحزبوا في أمر عيسى وقيل الذي جاء به عيسى الإنجيل وهو بعض الذي اختلفوا فيه فبين لهم عيسى في غير الإنجيل ما احتاجوا إليه {فاتقوا الله وأطيعون} أي فيما آمركم به {إن الله هو ربي وربكم فاعبد وه هذا صراط مستقيم فاختلف الأحزاب من بينهم} أي اختلف الفرق المتحزبة بعد عيسى {فويل للذين ظلموا من عذاب يوم أليم هل ينظرون} أي ينتظرون {إلا الساعة أن تأتيهم بغتة} أي فجأة والمعنى أنها تأتيهم لا محالة {وهم لا يشعرون}.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6